لقاء ( للكاتبة فاطمة الزهراء بلقاسم)

مرت بجانبي تسترق النظر إلي...تعمدت تحاشيها ، فلست بمزاج يحتمل ثرثرتها ...فكم من مرة أومأت برأسي افتعال المنصت المهتم وأنا غارقة في لجج أخرى من تفكيري....
انقلب الأمر إلى أنها صارت تتفحصني باستغراب وكأنها تقول كعادتها....."لا تقولي بأنك لم تلحظيني؟!!!"....وفعلا جاء صوتها حادا بها.....
ضحكت وأجبتها :
-"كان فكري مشدوها بعض الشيء"
- بعض الشيء!!! هاه(ساخرة)...هيا أخبريني من يشغل تفكيرك ...أكيد أن هنالك جديدا ما؟
- (متملصة) لا شيء غير روتينات الحياة ..هيا خبريني أنت عنك..ما أخبار زوجك هل وجد عملا..؟
-(متنهدة)...أجل منذ شهر ..... رغم أننا صرنا بالكاد نراه..إبتعلته الصحراء برمالها....
- أهاه....هذا خبر مفرح...الحمدلله......منذ زمن غير بعيد كنت تتضرعين كي يغيب إلى الأبد عن عينيك...والآن ها أنت تتحسرين فرقاه....غريب أمركن معشر النسوة ...أثبتن على رأي واحد!!!..
- ممممممم....بدأت بلفسفتك التي لا أفهمها...وتعابيرك الصعبة...تعلمين جيدا كم كنت ضعيفة المستوى...
- لا أتذكر سوى ذلك اليوم الذي بادرت كعادتك بمسح السبورة وتدوين التأريخ والمادة والموضوع لتضعي أستاذ الرياضيات على أكف الراحة...فما كان منه إلا أن يهبك التكملة...فكان نصابك...حل تمارين لا تفقهين له نسبا ولا أصلا ولا جذرا....أتذكر جيدا آثار الطبشور على راحتيك كما أذكر جيدا جدا آثار الضرب على ظاهرها .....
انفجرت ضاحكة ثم قالت :
- يلعن أبو الرياضيات!!..أنا لا أعلم لم كنت تحبينها!!
***
انتبهت لأحد صغارها يجذب ثوبي...كان يمد ذراعيه لأحمله...طوقته بين راحتي...طبعت قبلة على خده....نظرت إليها متسائلة في خفية...فقالت:
-تخلفت عن موعد حقنة Anti D بعد الولادة ولم أحترم مضي أربع وعشرين ساعة بعد ولادتي السابقة....تهاونت في ذلك...لكن الضريبة كانت "رائد"...
- (مرتبكة) ...رائد!!!...
كنت أهمهم أي اسم اختارت....
- أجل "رائد"...بعده كرهت الإنجاب ، ..
صدمت لما تقول...ليس تحديدا ما تعنيه..ولكن هنالك شيء ما ليس في محله في عباراتها...الأرجح أنها كلمة ...لا..بل كلمتان...أوووووه....
- فاطمة...هل أنت معي؟ (مقاطعة شرودي)
- هاه....طبعا...أنا...أنا معك...ههه..كنت تقولين أنك كرهت الإنجاب والأولاد....واضح ذلك!! (ساخرة)
تحسست بطنها وقالت:
- أريدها أنثى...أريد أختا تحنو على "رائد"...لا أريده أن يظل "غريبا" بين إخوته....
***
دعوت لها أن تلحق منة الله أمنياتها ..افترقنا وكف "رائد" لا تكف عن التلويح ..لكأنما اختصر كل المفارقات في تلويحه...وغفر لكل ذنبه بتوديعه...لكأنما أيقن صاحب الكروموزومات المميزة ...أن حتى اللقاء لهنيهات ، يحتم علينا أيضا تلويحا طويلا وطويلا.....
#Fatma_Zahra