بحـث
المواضيع الأخيرة
أبريل 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 |
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
إعلانات تجارية
لا يوجد حالياً أي إعلان
حلوى أم بلوى ( نور الدين العدوالي)
صفحة 1 من اصل 1
حلوى أم بلوى ( نور الدين العدوالي)
الإهداء : إلى عُشّاق الحرف العربيّ ، و أحباب البيان، المُنافحين الذّوّادين عن " الضّاد" أصدقائي أينما كانوا، و إلى عاشق مقاماتي " قامة الشّعر التونسي و طوده الشامخ " العزيز الحبيب الأستاذ " الحضري محمودي"
فسحة أدبية 3: من مقامات العدوالي
حلوى أم بلوى؟!
اختنقت المدينة في الأواخر العَشْر، كأنّ المشهد بَثّٔ مُباشِر من يوم الحَشْر، ما إن قُضِيت صلاةُ العَصْر، و لملمتُ قميصي و ردائي،ثم بالكاد وصلتُ إلى حذائي، حتى تسلّلتُ خارجا بين الجُموع، لا أعرف الذّهاب من الرّجوع، و في يدي قائمة غريبة لِمُسَمّيات عجيبة، ذلك كُلُّه، مُعظَمُه أو جُلُّه هو مستلزمات حلويات العيد، كلّفتني بها بنت المجاويد، سليلة المجد التّليد ،موصيةً مُشدِّدة، للكلمات مُحدِّدة : إنْ لم تَعُدْ بها، يا شَغفَ الهوى، فسيكون " راسك" دَوَا ..
طَفِقْتُ أبحثُ عن المحلّات، فوجدتُني وسْط النساء و البنات ، بين طويلة مُدَبَّبة، و قصيرة مُعَلّبة، و سوداء فَحْماء، و بيضاء شحْماء، و مُتَجَلبِبة مُبَرْقَعَة، و مُتَبَرّجة مُفَرْقَعَة ، شَعَرْت بالخَجَل، و تمنّيْت الهروب على عَجَل، لكنّ الأمر جَلَل، إذْ يَعرفُ أمثالي من الرّجال ، ما ينتظرهم عند ربّات الحِجال، فقلت في قرارة نفسي : أكْظِمُ غَيْظي و أُجَمِّدُ حِسّي ، و أصْبِرُ على بؤسي و تَعْسي، غيري يأكل الدّجاج، و أنا أقع في السّياج، المحلّ مزيّن بالفوانيس، و السّلع معروضة تَلعَب على الأحاسيس، و توقِظ النائم من الكوابيس ، منها ما هو ملفوف في القراطيس، و منها ما هو مخزون في المحابيس ، و أخرجتُ القائمة مِن جَيبي، و النّبْضُ يقول : سِتْرَك يا ربّي ! دَنوْتُ من البائع و البطنُ مشدودٌ جائع، مازحتُه : كيف تتحمّل هذا الكمّ من النّسوان ؟! ، فردّ واثقا في اطمئنان : يا بهلوان.. العمل مع النّسوان ، متعة، رِبْح، و ضمان ، روائحُ زكيّة، خدود نديّة ، قَدٌّ مَيّاس، و قلب حَسّاس، أشْفار جَرّاحة، و شِفاه ذبّاحة... قلتُ : حَسْبك.. حَسْبك.. اللّهُمّ إنّي صائم، قال : إيه، كم قالها سَيِّدُ العَمائم! قلتُ : لا تتحدّثْ بالألغاز، فأنا سيّد " ذي المجاز" ، قال : هاتِ ، هات الورقة، فوجهك مُحْمَرّ كالمَرَقَة ، و تَناهى إلى سَمْعي صوتُه يقول : هذا موجود.. هذا نِصابه محدود.. هذا يُستعمل " للمقرود" ..هذه " فرينة" ..هذه شكولاطة لِلزّينة، مازال عندي خَلّ اللّيمون، و أيضا سُكّرُ " مَن سيربح المليون؟ " ، قلتُ : زِنْ لي مِن هذا رِطْلَيْن ، و ادْعُ الّلهَ أن يزيدَ في عُمري يومَيْن، قال: يا حابس. . يا طويلَ الأذنَيْن، لا يوجدُ شيء من هذا، جِدْ لِنفسِك مَغَارة أو مَلاذا ، هل أعطيك الفول السّوداني؟ أم مُستَخْلَص التّمْر اليَماني ؟ مكتوب هنا " عُلْبتا شامية تونس الخضراء ، و اندفعْت في خُيَلاء : هذه أعْشَقها، تذكّرني بكبير الشّعراء، الحضري محمودي أعز الأصدقاء ، فانوس قيروانِ الأشقّاء، مدينة الشّموخ و الإباء .
لا أذكر بعد ذلك ما ارتكبتُ من المَهالك ، يتبعني صوت المالِك : عُدْ وقتَ ما بَدا لك، فالزّبون عندنا أمير، يحظى بما يستحق من تقدير ! قلتُ : نعم، بدليل أنّ الجَيب ما بقي فيه نَقير و لا قِطْمير، وضعْتُ ما اقْتَنَيْتُ في الصندوق، و استحضرْتُ ما قال لي " سي مرزوق" عِرّيفُ حَيِّنا الخَلوق : "مَنْ يسمعْ كلام النّساء، يبِتْ في العَراء "
عُدتُ إلى البيْت، أحمل الخَلّ مع الزّيْت ، يَدايَ مُحَمّلتان بالأكياس ، و أنا أستعيذ بِربّ النّاس من شرّ الوسواس الخنّاس، ناديتُ في الأولاد، فلا سَعْد و لا إياد! و صعدتُ وحدي الأدراج حيث لا مِصْعَد و لا مِعْراج، و أنا أرَدِّد : اللهُمّ طَوّلك يا روح ، و اكْفِنا يا ربّ شرّ الكُسور و الجُروح ، و كما جَرَت العادة ، وجدتُ استقبالا بِبلادة، و أحْسَستُ بضَغْطي في زيادة، قلتُ : دونكم هذه الأشياء، ولا تُصَدّعوا رأسي هذا المساء ، ما بقيَ لأذان الإفطار غير بعض دقائق، و تسلّل إلى خيشومي عَبَق الرّقائق ، و رائحة الدّجاج و النّقانق ، يبدو أنني صائم فِعلا، و الوحْم يتبعني طِفلا و كهْلا، لحظات و يُرفَع الأذان، نلتقي بعد الإفطار في أمان...
نورالدين العدوالي / عين البيضاء / الجزائر
عشية عيد الفطر 1439 هج / 2018 م
فسحة أدبية 3: من مقامات العدوالي
حلوى أم بلوى؟!
اختنقت المدينة في الأواخر العَشْر، كأنّ المشهد بَثّٔ مُباشِر من يوم الحَشْر، ما إن قُضِيت صلاةُ العَصْر، و لملمتُ قميصي و ردائي،ثم بالكاد وصلتُ إلى حذائي، حتى تسلّلتُ خارجا بين الجُموع، لا أعرف الذّهاب من الرّجوع، و في يدي قائمة غريبة لِمُسَمّيات عجيبة، ذلك كُلُّه، مُعظَمُه أو جُلُّه هو مستلزمات حلويات العيد، كلّفتني بها بنت المجاويد، سليلة المجد التّليد ،موصيةً مُشدِّدة، للكلمات مُحدِّدة : إنْ لم تَعُدْ بها، يا شَغفَ الهوى، فسيكون " راسك" دَوَا ..
طَفِقْتُ أبحثُ عن المحلّات، فوجدتُني وسْط النساء و البنات ، بين طويلة مُدَبَّبة، و قصيرة مُعَلّبة، و سوداء فَحْماء، و بيضاء شحْماء، و مُتَجَلبِبة مُبَرْقَعَة، و مُتَبَرّجة مُفَرْقَعَة ، شَعَرْت بالخَجَل، و تمنّيْت الهروب على عَجَل، لكنّ الأمر جَلَل، إذْ يَعرفُ أمثالي من الرّجال ، ما ينتظرهم عند ربّات الحِجال، فقلت في قرارة نفسي : أكْظِمُ غَيْظي و أُجَمِّدُ حِسّي ، و أصْبِرُ على بؤسي و تَعْسي، غيري يأكل الدّجاج، و أنا أقع في السّياج، المحلّ مزيّن بالفوانيس، و السّلع معروضة تَلعَب على الأحاسيس، و توقِظ النائم من الكوابيس ، منها ما هو ملفوف في القراطيس، و منها ما هو مخزون في المحابيس ، و أخرجتُ القائمة مِن جَيبي، و النّبْضُ يقول : سِتْرَك يا ربّي ! دَنوْتُ من البائع و البطنُ مشدودٌ جائع، مازحتُه : كيف تتحمّل هذا الكمّ من النّسوان ؟! ، فردّ واثقا في اطمئنان : يا بهلوان.. العمل مع النّسوان ، متعة، رِبْح، و ضمان ، روائحُ زكيّة، خدود نديّة ، قَدٌّ مَيّاس، و قلب حَسّاس، أشْفار جَرّاحة، و شِفاه ذبّاحة... قلتُ : حَسْبك.. حَسْبك.. اللّهُمّ إنّي صائم، قال : إيه، كم قالها سَيِّدُ العَمائم! قلتُ : لا تتحدّثْ بالألغاز، فأنا سيّد " ذي المجاز" ، قال : هاتِ ، هات الورقة، فوجهك مُحْمَرّ كالمَرَقَة ، و تَناهى إلى سَمْعي صوتُه يقول : هذا موجود.. هذا نِصابه محدود.. هذا يُستعمل " للمقرود" ..هذه " فرينة" ..هذه شكولاطة لِلزّينة، مازال عندي خَلّ اللّيمون، و أيضا سُكّرُ " مَن سيربح المليون؟ " ، قلتُ : زِنْ لي مِن هذا رِطْلَيْن ، و ادْعُ الّلهَ أن يزيدَ في عُمري يومَيْن، قال: يا حابس. . يا طويلَ الأذنَيْن، لا يوجدُ شيء من هذا، جِدْ لِنفسِك مَغَارة أو مَلاذا ، هل أعطيك الفول السّوداني؟ أم مُستَخْلَص التّمْر اليَماني ؟ مكتوب هنا " عُلْبتا شامية تونس الخضراء ، و اندفعْت في خُيَلاء : هذه أعْشَقها، تذكّرني بكبير الشّعراء، الحضري محمودي أعز الأصدقاء ، فانوس قيروانِ الأشقّاء، مدينة الشّموخ و الإباء .
لا أذكر بعد ذلك ما ارتكبتُ من المَهالك ، يتبعني صوت المالِك : عُدْ وقتَ ما بَدا لك، فالزّبون عندنا أمير، يحظى بما يستحق من تقدير ! قلتُ : نعم، بدليل أنّ الجَيب ما بقي فيه نَقير و لا قِطْمير، وضعْتُ ما اقْتَنَيْتُ في الصندوق، و استحضرْتُ ما قال لي " سي مرزوق" عِرّيفُ حَيِّنا الخَلوق : "مَنْ يسمعْ كلام النّساء، يبِتْ في العَراء "
عُدتُ إلى البيْت، أحمل الخَلّ مع الزّيْت ، يَدايَ مُحَمّلتان بالأكياس ، و أنا أستعيذ بِربّ النّاس من شرّ الوسواس الخنّاس، ناديتُ في الأولاد، فلا سَعْد و لا إياد! و صعدتُ وحدي الأدراج حيث لا مِصْعَد و لا مِعْراج، و أنا أرَدِّد : اللهُمّ طَوّلك يا روح ، و اكْفِنا يا ربّ شرّ الكُسور و الجُروح ، و كما جَرَت العادة ، وجدتُ استقبالا بِبلادة، و أحْسَستُ بضَغْطي في زيادة، قلتُ : دونكم هذه الأشياء، ولا تُصَدّعوا رأسي هذا المساء ، ما بقيَ لأذان الإفطار غير بعض دقائق، و تسلّل إلى خيشومي عَبَق الرّقائق ، و رائحة الدّجاج و النّقانق ، يبدو أنني صائم فِعلا، و الوحْم يتبعني طِفلا و كهْلا، لحظات و يُرفَع الأذان، نلتقي بعد الإفطار في أمان...
نورالدين العدوالي / عين البيضاء / الجزائر
عشية عيد الفطر 1439 هج / 2018 م
مواضيع مماثلة
» مقامة سمر على قمر ( نور الدين العدوالي)
» لا تلمني ( العدوالي نور الدين)
» أشعار com (نور الدين العدوالي)
» التائبة ( للشاعر نور الدين العدوالي)
» شمعتان (للشاعر نور الدين العدوالي)
» لا تلمني ( العدوالي نور الدين)
» أشعار com (نور الدين العدوالي)
» التائبة ( للشاعر نور الدين العدوالي)
» شمعتان (للشاعر نور الدين العدوالي)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد فبراير 12, 2023 8:36 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» موضوع المبادرة ( جدارية الألم والأمل)
الأحد فبراير 12, 2023 8:34 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» سجل أيها الأدب (رسالة إلى وزير العدل)
الثلاثاء سبتمبر 27, 2022 1:34 pm من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعرة سعاد كاشا (المشاركة 26)
الأحد سبتمبر 18, 2022 7:46 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعرة أميرة دبل (المشاركة 25)
الخميس سبتمبر 15, 2022 10:00 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعرة خديجة حسين تلي (المشاركة 24)
السبت أغسطس 27, 2022 10:28 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعر عامر غلاب ( المشاركة 23)
السبت أغسطس 27, 2022 10:26 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعر سالم قوادرية العامري ( المشاركة 22)
الجمعة أغسطس 26, 2022 3:54 pm من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعر محمد مهيلة (المشاركة 21)
الجمعة أغسطس 26, 2022 12:16 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة