من سوف يعفيك؟

من سوف يعفيك؟

يَا أمَّةً تَبْتَغِي إذلالَ نُخْبَتِهَا
وَ اللَّهِ لنْ تَبْلُــغِي إلّا ترَدِّيكِ!
هَلَّا أجَبْتِ: بِوقتٍ سَوْفَ نَشْهَدُهُ
مِنْ كُلِّ بأسِ الرَّزَايَا مَنْ يُنَجِّيكِ؟
لَا ترْفَعينَ الَّذِينَ العِلْمُ أكرَمَهُمْ
وَ تُنصِفِينَ الَّذِي بالجَهلِ يُؤْذِيكِ
لَنْ تَعرِفِي بَينَ أهلِ الأرضِ منزِلَةً
وَالذُّلُ مقبُولَةٌ أحْكَامُهُ فِيكِ
لَا خيرَ فيكِ يُرَى إذْ صِرْتِ مهْزَلَةً
يُغَادِرُ الطِّبُّ وَالأسْقَامُ تَأتيكِ
تكَفِّنِينَ عُقُولًا رَغْمَ رِفْعَتِهَا
لِتَجْعَلِي مَلِكًا من ليسَ يُعْلِيكِ
جَارَتْ عَلَيْكِ تَفَاهَاتٌ وَ مَا رَحِمتْ
فَمَا رَحِمتِ إذَنْ، مَنْ قَدْ يُعَزِّيكِ
يَأتيكِ عَصْرٌ بِهِ الأمواجُ عَاتِيَةٌ
وَحِينَهَا مَنْ مِنَ الأمْواجِ يحميكِ؟
لَا عَدْلَ فِيكِ وَ لَا أعْمَالَ نذْكُرُهَا
الوهْمُ صَارَ جلِيًّا فِي تَجَلِّيكِ
مَا عَادَ يخْفَى عَلَى إنسٍ وَ لَا حَجَرٍ
أنَّ الأسَى عَلَنًا أمسَى يُغَطِّيكِ
حتَّى الهِجاءُ غَدَا مِنْ هَجْوِهِ خَجِلًا
مَاذَا سيهْجُو فكُلُّ الأرضِ تَرثِيكِ
سُبْحَانَ رَبِّي الَّذِي آتاكِ رِفْعَتَهُ
لكِنَهَا رُمِيَتْ فالكَوْنُ يرمِيكِ!
يَا أُمَّةً سَلَّتِ الأوغادَ رَغمَ أَسًى
مَنْ يَوْمَ حَمْلِ اللَّظَى حُبًّا يُسَلِّيكِ
أَلَا ترَيْنَ بَنِيكِ اليَوْمَ قَدْ هَجَرُوا
وَ ليسَ كُرْهًا وَ لَكِنْ مِنْ تَعدِّيكِ
كُلُّ الدِّيَارِ علَى أبنائِهَا اعتَمَدَتْ
قُولِي بِرَبِّكِ لِي مَنْ سَوْفَ يبْنِيكِ
مَا دَامَ بُنيَانُكِ المرْفُوعُ مِنْ خَرَفٍ
وَ أنْتِ لَمْ تجعَلِي قَدْرًا لِأهلِيكِ
يَا أُمَّةً عَشِقَتْ جَلَّادَهَا وَلَهًا
مَاذَا بِرَبِّكِ قُولِي! مَا أُسَمِّيكِ؟
كُلُّ الأسَامِي الَّتِي فِي معجَمِي ضَحِكَتْ
ما عادَ منهَا الَّذِي معنًى يُؤَدِّيكِ
فِي كُلِّ يَوْمٍ أَرَى فِي حيرَتِي صُوَرًا
تُبْدِيكِ مَيِّتَةً مَنْ سَيُحْيِيكِ؟
كُلٌّ يُرِيدُكِ جُثمانًا لِيدفِنَهُ
وَ أنتِ نَائِمَةٌ لا شيءَ يَعْنِيكِ
تَبًّا لِأُمَّةِ ذُلٍّ عَيْشُهَا حَسَدٌ
عِمَادُهَا رُفِعتْ منْ دُونِ تبرِيكِ
قَانُونُهَا جُلُّهُ كِبْرٌ وَمَفْخَرَةٌ
تحيَا علَى قَرَفٍ، هَمٍّ وَتَشْكِيكِ
الصَّكُّ فِيهَا غدَا بَنْدًا نُطَبِّقُهُ
حَتَّى يُرَى ظالِمٌ فِي الدَّارِ كالدِّيكِ
وَ اللَّهِ يَا أُمَّتِي لَنْ تَرْتقِي أَبَدًا
وَالظُّلْمُ مُنْفَجِرٌ كالقَيْءِ مِنْ فِيكِ
حَبَسْتُ عنْكِ الأَذَى يَا أُمَّةً خَسِئتْ
عَلَّ السُّكُوتَ عَنِ الآلامِ يُرْضِيكِ
فَلَمْ ترَيْ صَمْتَنَا صَمتًا لِحِكمَتِنَا
لَا اللَّهُ - بَعدَ الَّذِي أذْنَبْتِ - يَحْمِيكِ
سَنلْتَقِي يَوْمَ أرضُ الحَشرِ مَحكَمَةٌ
وَ يَوْمَهَا لَا بُنُودًا سَوفَ تُعْفِيكِ

الشاعر فريد مرازقة الجزائري

حسبنا الله و نعم الوكيل و عند الله تلتقي الخصوم