شمعتان (للشاعر نور الدين العدوالي)

شمعتان.. و فَتيلٌ لا ينطفئ!

بعد نفاذ صبرها ، أرسلَت تقول: ما حَظُّ النّسوان مِمّا تركتَ - شِعرا-؟!
قلت: للأنثى عندي مِثلُ حَظّ ألف رَجُل!
قالت: و ماذا بقي للرّجال ؟!
قلت: هم يكتفون برضا النّسوان!!!

راحَت تُحَدّثُها سِرًّا و في نَهَمِ
لِئلّا يرى إنسٌ ما حيكَ في الظُّلَمِ
قالت لها: مَن يرى هذا الفتى نفسَهُ
هل يذبحُ الأنثى مِن جَرّة القَلَمِ؟!
كَم قلتُ لَم أعبأ إذ هالَني حرفُهُ
أُفتي لنفسي بِألّا سَعيَ في الحَرَمِ!
أَفّاكَةٌ ، أُقنِعُ القلبَ الذي خانني
أن يقضِيَ اللّيلَ في عينَيه مِن أَلَمِ!
لَم أقتَنع قبلَ يومي أنّ أشعارَهُ
تُشفي الفؤادَ -وقد اشتاقَ-مِن ضَرَمِ
كيفَ السّبيلُ إليه -يا ويحَ قلبي- و قد
اعتَلّ حَرفي و زادَ الشِّعرُ مِن سَقَمي ؟!
قاوَمتُ طوفانَ بَوحِهِ الرّهيبِ و قد
اجتاحَ رُوحي بِبَحرِ سَيلِهِ العَرِمِ!
رُوحي بِنا ندخُل في الحينِ صفحَتَهُ
نبحَث فُضولًا عن الأعرابِ و العَجَمِ
عن مُعجَباتٍ بهذا الذي مَضى شامخا
يَزهو كَمَن غاصَ في كَنزٍ من الحِكَمِ!
قد نابَني سِحرٌ ما كُنتُ أحسبُهُ
احتلَّ قلبي -ليس الآنَ- مِن قِدَمِ !
لَكِن أَ أَكسِبُ وُدَّ مَن غَدا حَرفُهُ
لا رَيبَ (أشهَرَ مِن نارٍ على عَلَمِ)؟!
هَل يعشَقُ الأنثى مَكحولةً عَينُها
أَم هَل يُريدُ الحِنَّاءَ رَشمًا في القَدَمِ؟!
أو رُبّما يَكتَفي بِالوَحيِ يَرسمُها
مَقذوفَةً نَشَأت هَيفاءَ في الحِمَمِ !
لا رَيبَ شَقراءُ ذَبّاحٌ وَعيدُها
تلكَ الّتي خِلتُها سَمراءَ في زَعَمي!
هذا الفتى -وَيحي- لا شَكَّ جَنَّنَني
يُغري بِما فيه مِن لَآلِئِ الكَلِمِ !!
قُولي لَهُ إن مَرَّ مِن هُنا فَلَقَد
أَشوي فُؤادَهُ أو أُرديهِ مِن قِمَمِ!!
يا " هَبلةً" قالت لها: مُحالٌ إذًا
فَذاكَ أَسوَأُ ما يُدنيهِ مِن شِيَمِ !!
عِيشِي كَأسماكِ المُحيطِ في بحرِهِ
بينَ القوافي و إلّا مِتِّ كالصَّنَمِ!!
كُوني كَزَنبَقَةٍ في حَقلِ أزهارِهِ
بل وَ اترُكيهِ يَعِش كالنَّسر في الأَكَمِ!
لا خَوفَ من شاعرٍ يتلو الكتابَ فَمِن
نُوحٍ إلى يوسفٍ فالكَهفِ إلى القَلَمِ!!!

نورالدين العدوالي/ عين البيضاء/ الجزائر