متاهة الضوء للشاعر محمود موزة

متاهة الضوء

وفتحتُ بابًا للعبور فبابا
فمتى أودعُ يا تُرى الأبوابا

شاخت فصول الضوء خلف أزيزها
وبقيتُ في سِفر الرؤى جوَّابا

الأفق متكئ على ومض السنا
كم عاث من بعد الشروق غيابا

وسنابل الوقتِ القديمةِ أُفرغت
من حَبِّها حتى غدوتُ يبابا

أهلا بهذا الليل يؤنس غربتي
طفلا يناديني أفِق يا بابا

فأضمه حتى ينام على غدي
ويصيح بي ديك الأسى أوَّابا

يا نجمة الصبح التي في ثوبه
عَلِقَت فراحَ يقصِّر الأثوابا

قولي له ماذا فعلتَ بساهرٍ
يرعى النجوم ويرصد الأحبابا

يستيقظ الخيَّامُ في أنغامه
فيذوب في وتر الحنين عتابا

كم راود الكلمات عن عنقودها
حتى استحالت في السطور شرابا

أهلا بهذا الليل يفتح بابه
ليظلَّ مفتاح الصباح سرابا

علمتني يا قلبُ كيف أحبُّني
وأحبُّ غيري صادقًا مرتابا

وبأن حزني خيرُ ركبيَ عندما
أمشي إليَّ وقد عييتُ رِكابا

الشك أجمل صاحبٍ صدقته
وظلمتهُ..... إذ خِلته كِذَّابا

الماء أنطقه التراب بوردةٍ
لكنه في الغيم كان ضبابا

أهلا بهذا الليل ينفثُ وحدتي
من صدره وألملمُ الأعقابا

ويقولُ لي صحن السنين ملأتني
وغدوتَ من أثر الدخان مصابا

أدمنتني ياليلُ ..أقلع عن دمي
أم إنَّ عندك للمزيد ثقابا !

زمن تفرد بالبكاء لفقدنا
يا أبيض العينين يومك طابا

إنا بأرض الأربعين ولا هدى
وعزيزنا قلب النضار ترابا

قد زج يوسف في رؤاه فأورقت
أغصان أشجار السنين خرابا

وتعملقت أشجارنا فإلى متى
يا منجنيق نكدِّسُ الأخشابا

أهلا بهذا الليل ... عمريَ مُشرَعٌ
فادخل وأغلق خلفك الأعصابا

أغمض جفون الريح إن نوافذي
تعبت وشابت في غدي الأبوابا

لا صاحبٌ إلاك أنت فغطِّني
إن الذي قد شاء هجرك تابا