الحب المقتول (الحضري محمودي)

الحُبُّ المقْتولُ

يا زَمانًا كانَ فيه الحُبُّ أعْمَى
يهْتدي، يلْقَى بدونِ اللَّأْيِ سلْمَى

كانَ عهْدًا ذا جمالٍ منْ خَيالٍ
ممْتِعًا ما شافَ فيهِ الصَّبُ ظُلْمَا

كانتِ الأنْثَى غَزالاً ذا حَياءٍ
رائعَ الأوْصافِ ينْشي الشِّعْرَ دوْما

لوْ رمَتْ سرًّا بِـسَهْمٍ من لِحَاظٍ
نحْوَ منْ تهْوَى أصابَ الحُبُّ مَرْمَى

يقْتفِي إخْلاصُهُ الآثارَ وِدًّا
مثْلَ طفْلٍ مازَ بيْنَ الغِيدِ أُمَّا

مثل ليْثٍ في عَرينٍ لايُبالي
صائِنا عرْضًا ولن يرْتدَّ يوْمَا

دارَتِ الأيّامُ حتّى خِلْتُ نفْسِي
بيْنَ جمهورٍ نَرَى في اللّيلِ فِلْمَا

حزَّ في نفْسي عزُوفٌ عنْ زوَاجٍ
بعدَما أنْهَى الهوَى الظمآنُ صَوْما

ليْتَنِي ماشفْتُ هذا الحبَّ يبْكِي
يشْتكي من بعْد جوْرِ الحُكْمِ يُتْما

في سَرابٍ دائمٍ لم يلْقَ حَلاًّ
غَيْرَ مَطْلٍ صَيَّرَ الأحْلامَ وَهْمَا

في ظَلاَم ٍدامِسٍ ما مَازَ درْبًا
لمْ يشُفْ من فوْقهِ في الأفْقِ نَجْمَا

إذْ نَأَى عن مُسْتطابِ العيْشِ قهْرًا
وانْثَنَى يشْكُو عَراقِيلاً وكَلْمَا

عاثَ فيه المَالُ والبلْوَى فَسادًا
وانْتَهى في مأْزقِ الإفْلاسِ يُرْمَى

مثْلَ دلْوٍ يستْقِي منْهُ العَطاشَى
قُصَّ منْه الحبْلُ إبْلاءً و ثلْمَا

أَوْ كَبدْرٍ كانَ يهْدِي في طريقٍ
واخْتفَتْ أنْوَارُهُ والْتفَّ غيْمَا

عنْدَما يَنْسابُ مَالٌ في مَآلٍ
تصْبحُ الأحلامُ أوْهامًا و هَمَّا

والهَوى إنْ جالَ مالٌ في مَداهُ
ينْحَنِي كالقصْرِ تخْريبًا وهَدْمَا

كُلَّما بانَ انْفِراجٌ حلَّ كرْبٌ
يرْجُمُ العُشَّاقَ بِالإِيلامِ رجْمَا

كمْ زَوَاجٍ صارَ مبْتُورًا طَلاقًا
بعْدَ أنْ عانَى منَ الإفْلاسِ ضَيْمَا

كمْ فتَاةٍ لاِحْتِياجٍ ِ رَوَّضُوها
فانْحنَتْ تجْترُّ لَوْمَ النّفْسِ نَدْمَى

كم فتًى قد هاجرَ الأوْطانَ كرْهًا
تارِكًا إلْفًا تُعانِي الفقْرَ كلْمَى

راكبًا بحْرًا وموْجُ الموْتِ يدْري
أنَّهُ ميْتٌ قُبَيْلَ البَحْرِ عِلْمَا

ليْتَ أُمِّي لم تَلِدْنِي في زمَانٍ
شفْتُ فيه الحبَّ مقْتُولاً ومُدْمَى

الحضري المحمودي 2018 /9/25