وصايا (ابراهيم مقدير)

وصايا....
"""""""""""
إشرأب من نافذة الحافلة واضعا يده في جيبه ،وحملق في وجه شقيقه الأصغر مليا وقد غلبته دموعه،ثم اخرج جوالا جديدا ومبلغا معتبرا ...ناوله المبلغ والهاتف وحاول أن يحيد ببصره عنه سيما وعيناه قد غمرتهما عبرات تنم عن خوف وعن شوق كبيرين لمدلل الأسرة ،الذي آثر الإلتحاق بالجيش الوطني الشعبي ...وذلك إثر نيله شهادة الباكالوريا رغم كل جهود العائلة لان يلتحق بالجامعة ، إلا أن العوز والفاقة وغموض الدراسة الجامعية ،كل هذا ثبط من رغبته فسعى في عجالة إلى مهنة تضمن راتبا سريعا...
راح الأخ الأكبر يوصي أخاه قبل إنطلاق الحافلة قائلا:
أي أخي كن واثقا من نفسك ، ولا تكثر الأصدقاء ..ولا تبح بسرك لأحد ...وأعتن جيدا بهندامك وأد واجبك ولا تبد تذمرا...و..و ..
قاطعه أخوه لما كل هذا المبلغ؟
رد الشقيق : أمسكه للحاجة ....فقد تطول المدة ريثما تنال إجازتك.....ثم اردف: لا تكن مبذرا وحاول الإقلاع عن التدخين ... آه كدت أنسى إياك وأن تغفل عن سلاحك وحذائك...وأحرص أن تكون بذلتك دوما أنيقة لائقة.....
على كل حال ستتعلم وتتعود تدريحيا....
.نظر كل منهما إلى الآخر لبرهة بدا فيها على وجهيهما ذهول ووجوم ...... ربت بعدها الأخ الأكبر على كتف شقيقه ...حينها دار محرك الحافلة المتجهة إلى العاصمة ،ليبدأ الشاب الفتي رحلة البحث عن الذات ...ويعود الأخ أدراجه إلى البيت وكله دعاء وتضرع للمولى العلي القدير أن يحفظ شقيقه ويوفقه في مهمته....
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""" إبراهيم مقدير