مع أبي العتاهية (نورالدين العدوالي)

مع أبي العتاهية خارج قصورِ الخلفاء

فَوِّضْ أمورَكَ للقديرِ القادِرِ
و ارْمِ النّوازِلَ عندَ بابِ القاهرِ
كَمْ نخنقُ الأنْفاسَ باليأسِ الّذي
يَذْوي القلوبَ و نَكْتوي مِن خاسِرِ!
مَهما يَكُنْ مِنْ مُعْسَرٍ فالأمرُ مِن
رَبّ السّماءِ ، و لا لِحَظٍّ عاثِرِ
فَعلامَ حُزْنُك عن حياةٍ ما حَلَتْ
تَجري إليها كالبُراقِ الطّائرِ ؟!
أَوَلَمْ تَعِشْ زَمَنًا تُطارِدُ مَغْنَمًا
و القلبُ يطْمَعُ لاهِثًا كَمُقامِرِ؟!
إنْ كانَ شَقُّ جُيوبِ صَدْرٍ مَعْبَرًا
لِمُنى القلوبِ فمرْحبًا بالعابِرِ
دَوّارَةٌ، غدّارَةٌ دُنيا الهَوى
تُغْريكَ بَدْءًا، تَنْكوي في الآخِرِ!
فإذا عَرَتْكَ صُنوفُ أحْزانٍ ، فلا
تَرْكَعْ لِغَيْرِ إلَهِ كَوْنٍ ناصِرِ!
ماذا جَنى غيْرَ العَنا لَمّا دَنا
عَبْدٔ حَذا دَرْبَ الجَحودِ النّاكِرِ ؟!
هل يسْتوي لَوْ يرْتَمي لَيْلًا على
رِجْسٍ ، و يتْلو بَعْدُ سورةَ غافرِ؟!
إنّ الحياةَ أيا أُخَيُّ قصيرةٌ
لا تأْخُذَنْ منها كَمِثْلِ مُغادِرِ
فاحْرِصْ على زادٍ يُنَجّيكَ اللَّظى
و اغْنَمْ من الدّنيا بِخَيْرِ مَآثِرِ !
لا تَرْكَبَنْ لِغُرورِ نَفْسٍ زَوْرَقًا
كَمْ نالَ مَوْجُ الكِبْرِ من مُتَجاسِرِ !
خَسِرَ الصِّحابَ و ما درَى لَمّا جَرى
خَلْفَ الهَوى كَمْ حادَ عن مُتواتِرِ!
إنْ كان أمْسُكَ قدْ مَضى في مُنْكَرٍ
سارِعْ و تُبْ قَبْلَ انْقِضاءِ الحاضِرِ
هذي الحياةُ كَزَهرَةٍ مَعْشوقةٍ
مَحْفوفة دومًا بِشَوْكٍ جاسِرِ
حتّى إذا غَرَّتْكَ أنْسامُ الشَّذى
نَقَرَتْ قَفاكَ صُروفُ دَهْرٍ غادِرِ
لا جاهَ بَعْدَ الدّينِ غيرُ تواضُعٍ
فالمَرْءُ طينٌ ساخِرٌ مِن ساخِرِ!
فَإلى متى تَبْكي بَقايا فُرْصَةٍ
و إلى متى تحْيا بِخُبْثٍ ماكِرِ ؟!
دَعْ عنْكَ صَائدَةً تُريكَ مَفاتِنا
أقْبِلْ على رَبٍّ غَفورٍ ساتِرَ

شاعر البيضاء نورالدين العدوالي / عين البيضاء / الجزائر

06 محرّم 1440هج/ 16 سبتمبر 2018