بدوية ( للأستاذ الشاعر مرازقة فريد)

بَدَوِيَّةٌ خرجت لتملأ جرتها على ضفاف النهر.
رآها الفارس ،أعجبته فتقرب منها. رأى انعكاس وجهها على سطح الماء فتفطنت له و تسترت خجلا منه.

فقال:

لَا تَخْجَلِي يا حُلْوَتِي! لَا تَخْجَلِي!
لَا تَجعَلِي الأزْهَارَ خَلْفَ المُسدَلِ؟(1)
قَدْ جِئتُ أرْوِي القَلْبَ مِنْ أنْهَارِكُمْ
فَاجْتَاحَنِي الإعْجَابُ مِثْلَ الدَّلْدَلِ. (2)
هَلْ تَحْجُبِينَ الوَجهَ عَنَّا عِفَّةً؟
أَمْ تُسقِطِينَ القَلْبَ دَفعًا مِنْ عَلِ؟(3)
فَلْتَتْرُكِي الأزْهَارَ تُبدِي حُسْنَهَا
وَ لْتَكْشِفِي أسرَارَ هَذَا المُعضَلِ (4)
مَا مَرَّ هَذَا الفَحْلُ إلَّا مُعْجَبًا
لَا تَدْفَعِي بِالقَلبِ نَحْوَ المَوْصِلِ(5)
فَلتَأخُذِي قِنِّينَتِي و لتَمْنَحِي
قلبِي مِيَاهًا عَذْبَةً، لا تَبْخَلِي!
إنِّي أرَدْتُ الوَصْلَ قَلْبِي رَاجِفٌ
و الثَّغْرُ مُشْتَاقٌ لِوَصْفِ الأَجْمَلِ:
(بَيْضَاءُ مِثلَ الثَلْجِ قَلْبِي حَائِرٌ
وَ العَينُ كَالفِنْجَانِ عِشْقًا مُمْتَلِي
و الرِّمشُ آهٍ مِنْهُ، سُمُّ لَاسِعٌ
قَدْ يَجْعَلُ الجَبَّارَ صِنْوَ الهَيْكَلِ (6)
وَجْنَاتُهَا وَرْدٌ وَ زَهْرٌ أَحْمَرٌ
ذا صَوتُهَا كالمَالِ عِنْدَ المُرْمَلِ (7)
عُشَّاقُهَا كالسَّيلِ آتٍ ذَاهِبٌ
لَمْ تَنْسَهَا إلَّا عُيُونُ الأحْوَلِ)
(لَا تَقْتَرِبْ يَا سَيِّدِي) قَالَتْ لَهُ
(لَا تَقْتَرِبْ! إنِّي كَبَابٍ مُقْفَلِ
إنْ شَاهَدُوكَ اليَومَ تُلْقِي شِعْرَكَ
قَدْ يَقطَعُونَ الرَّأسَ قَطْعَ المِنْجَلِ
مِنْ إخْوَتِي الأحجارُ خَوفًا تَرقُصُ
عَشْرٌ شِدَادٌ مِثْلَ صَخرِ الأجْبُلِ
فَلْتَبْتَعِدْ إنْ كُنْتَ تَأتِي لَاهِيًا
كَي لا تَرَى بالعَيْنِ قَدَّ الأَكْحَلِ(
فَاستَوقَدَتْ نِيرَانُ حُرٍّ قَالَ: (لَا
بِالمَوتِ. قُلتُ الآنَ قَوْلَ المُقْبِلِ
أَقْبَلتُ حِينَ البَأسِ رَأسِي رَافِعًا
فَلتُخْبِرِيهُمْ عَنْ قَوِيِّ المِفْصَلِ
و لْتُخْبِري إخْوَانَكِ الأحْرَارَ عَنْ
نِيَّاتِنَا فِي زَوجةِ المُسْتَقْبَلِ

هامش: ..................................
(1) المسدَلِ: ما أسدل كالستار.
(2)الدّلدل : أمر عظيم
(3)عَل: فوق
(4)المعضل : مستور و غامض
(5) موصل: منية، موت و فناء
(6)الهيكل : الهيكل العضمي
(7) مرمل: فقير مملق
(الأكحل: وريد وسط الذراع يسمى نهر البدن.
.
.مرازقة فريد / جانفي 2018